• الرئيسيّة

  • الأربعاء، 9 ماي 2012

    ملابسنا السّوداء الجميلة



    قصّة : مارين سرفيرو
    تعريب محمّد فطومي 



        "إيليان" في المطبخ تغسل الأواني باذلة ما بوسعها كي لا تقرع الصّحون فتستيقظ البنات..
    في التّلفزيون شريط وثائقيّ مشوّه بالومضات الدّعائيّة،أتناول جهاز التّحكّم و أطفئه.على أيّة حال كان لابدّ أن أقطع الصّوت كي لا أوقظ البنات.
      تصفّف "إيليان" آخر كأس و تلتحق بي في الصّالون.يداها مجعّدتان بسبب انغماسهما في المغطس طويلا؛ تتأمّلني.
    عشرون عاما من الزّواج غيّروها كثيرا.تضع مآزر للمطبخ ،و قبّعات للخروج.لم تكن تفعل ذلك عندما كنّا مخطوبين.
    دقّت السّاعة.تصعد السلّم .أتبعها.
    نصعد على حافّة العتبات حتّى لا تُصدر صريرا؛نخشى أن نوقظ البنات.
    تدخل " إيليان " الحمّام لتغيّر ملابسها.لم تعد ترغب في الظّهور أمامي عارية؛تقول بأنّ العمر فعل بها هذا.
    أرتدي ملابسي في صمت .بالمناسبة؛إنّها الملابس السّوداء عينها.تلك التي لا ألبسها إلاّ نادرا؛تصاحبني منذ عشرين عاما،لكنّها مازالت تحافظ على ألقها كأنّها جديدة.
    سنخرج هذا المساء.
    سنشاهد مسرحيّة.
    لا نخرج أبدا تقريبا.لأنّ علينا دائما أن نعتني بالبنات.لكنّنا اليوم سنخرج ؛ فهنّ  نائمات.
    تظهر " إيليان " أمام الحمّام بفستانها الأسود  و حليتها الفضّيّة.أقول لها بأنّها أنيقة.تبتسم،رغم علمها بأنّي أقول ذلك من باب التّهذيب.نلقي نظرة على غرفة البنات عبر الباب الموارب قليلا.النّافذة مفتوحة على مصراعيها و الضّوء الجليديّ للقمر يخترق السّتائر و يسيل فوق أجسادهنّ الشّاحبة. وديعتان. عاريتان. أجسادهنّ البيضاء تحف فنّيّة أروع و أنقى من أن يطيل المرء التّحديق إليها. جميلات بكلّ لغات الدّنيا.
    تحسب أنّك تسمعهنّ يتنفّسن .
    إنّهنّ حقيقة.
    تسرّب لهنّ الموت و هنّ نائمات منذ عامين.لكنّهنّ حقيقة.و غرفتهنّ ما زالت تضجّ بالحياة،و أحيانا تتراءى لي صورة نهودهنّ العارية تعلو و تهبط على إيقاع تنفّسهنّ الرّقيق.
    تنزل " إيليان " السلّم. أتبعها.
    نخرج و نطبق الباب خلفنا بهدوء كي لا نوقظ البنات..



                                                                                                    8/5/2012

    ليست هناك تعليقات:

    إرسال تعليق