• الرئيسيّة

  • الأربعاء، 2 ماي 2012

    ماذا بعد؟




    كم هو لطيف أن تمرّ بعجوزين فتجدهما قابعين بجانب بعضهما.يراقب العجوز كلّ ما يتحرّك حوله ،أمّا هي فتغزل الصّوف و تنظر إلى بياضه و في عينيها حذر و رقّّة.مرّت ساعة،التحق بهما ابنهما الأكبر.اقتعد الطّوار.تعلّقت عينا الشّيخ بأطفال يقتلعون زهيرات    و يتصايحون ،ثمّ ما لبث أن قام من كرسيّه الأسود و دخل إلى البيت مهدّدا إيّاهم بعصاه.قفز عامر على الكرسيّ و بادر يسأل أمّه عن حال أبيه.
    توقّف مغزلها لحظة و أخبرته أنّ العشاء جاهز و تناهى إلى مسامعها الشّيخ يسأل عن السجّادة.دخلت تجرّ ساقها جرّا .حين عادت لم تجد عامرا.
     بحركة خبيثة من عينيها،تراءى لها رداء تلوّح من ورائه شابّة تسير بثبات و عنق مرفوع.قبّلت يد أمّها و يد أبيها و جالستهما.
    باهتمام سأل عنها أبوها و يداه مطبقتان على بعضهما ثمّ سكت،منذ ضاعت الأرض       و رأس المال صارت جفونه تتحرّك لا إراديّا.ناولته ابنته صحن بطّيخ،غطست اليدُ في الصّحن و سقطت القطعة من يده المرتعشة و تساقطت القطرات على الصّوف الأسود النّاعم.أزالت العجوز ما فسُد منه و واصلت عملها و لكزت ابنتها أن تأخذ الصّحن من يده.اشتهى الشّيخ قطعة أخرى لكنّه مدّ الصّحن مذعنا،و تعالت من فمه كلمات الحمد      و الاستغفار و قام للصّلاة.تبعته العجوز و لحقت بهما "ثريّا". أخبرتهما بخصومتها مع زوجها،و اختنق صوتها .قدّمت لها العجوز الشّاي و رصّت يدي الشّيخ على الكأس.
    ظلّوا يتحدّثون طويلا.
    عند الفجر قبّلت ثريّا يدي أبيها و أمّها و خرجت قاصدة بيتها.وضعت الرّداء على رأسها فتناهى إكليلَ شوك بدأ ينمو و ينتفخ و هي تمشي..حاولت أن تتملّص،لكنّه كان أكثر حرّيّة و نفوذا من 
    نور الشّمس.


    فاطمة فطومي 
    2/5/2012



    فاطمة فطومي
    2/5/2012

    هناك 3 تعليقات:

    1. ريما ريماوي29 ماي 2012 في 7:51 ص

      رائعة استاذ فطومي كانني كنت مع هذه الاسرة ..

      اجدت الوصف والتصوير ....

      شكرا جزيلا لك....

      تحيتي وتقديري.

      ردحذف
    2. ريما ريماوي29 ماي 2012 في 7:56 ص

      عفوا لم انتبه ان توقيع القصة باسم فاطمة فطومي

      تحياتي لها، واعجبني ما قد قرأت...

      ردحذف
    3. نوّرتِ المكان ريما.
      مرحبا بك أختي الرّائعة،النصّ فعلا لشقيقتي و ليس لي.
      أكرّر إعجابي بقدرتك و بحرصك على البحث،أجمل تحيّة لك.

      ردحذف