كم هو لطيف أن تمرّ بعجوزين فتجدهما قابعين
بجانب بعضهما.يراقب العجوز كلّ ما يتحرّك حوله ،أمّا هي فتغزل الصّوف و تنظر إلى
بياضه و في عينيها حذر و رقّّة.مرّت ساعة،التحق بهما ابنهما الأكبر.اقتعد
الطّوار.تعلّقت عينا الشّيخ بأطفال يقتلعون زهيرات و يتصايحون ،ثمّ ما لبث أن قام من كرسيّه
الأسود و دخل إلى البيت مهدّدا إيّاهم بعصاه.قفز عامر على الكرسيّ و بادر يسأل
أمّه عن حال أبيه.
توقّف مغزلها لحظة و أخبرته أنّ العشاء جاهز
و تناهى إلى مسامعها الشّيخ يسأل عن السجّادة.دخلت تجرّ ساقها جرّا .حين عادت لم
تجد عامرا.
بحركة خبيثة من عينيها،تراءى لها رداء تلوّح من
ورائه شابّة تسير بثبات و عنق مرفوع.قبّلت يد أمّها و يد أبيها و جالستهما.
باهتمام سأل عنها أبوها و يداه مطبقتان على
بعضهما ثمّ سكت،منذ ضاعت الأرض و رأس
المال صارت جفونه تتحرّك لا إراديّا.ناولته ابنته صحن بطّيخ،غطست اليدُ في الصّحن
و سقطت القطعة من يده المرتعشة و تساقطت القطرات على الصّوف الأسود النّاعم.أزالت
العجوز ما فسُد منه و واصلت عملها و لكزت ابنتها أن تأخذ الصّحن من يده.اشتهى
الشّيخ قطعة أخرى لكنّه مدّ الصّحن مذعنا،و تعالت من فمه كلمات الحمد و الاستغفار و قام للصّلاة.تبعته العجوز و
لحقت بهما "ثريّا". أخبرتهما بخصومتها مع زوجها،و اختنق صوتها .قدّمت
لها العجوز الشّاي و رصّت يدي الشّيخ على الكأس.
ظلّوا يتحدّثون طويلا.
عند الفجر قبّلت ثريّا يدي أبيها و أمّها و
خرجت قاصدة بيتها.وضعت الرّداء على رأسها فتناهى إكليلَ شوك بدأ ينمو و ينتفخ و هي
تمشي..حاولت أن تتملّص،لكنّه كان أكثر حرّيّة و نفوذا من
نور الشّمس.
فاطمة فطومي
2/5/2012
فاطمة فطومي
2/5/2012
رائعة استاذ فطومي كانني كنت مع هذه الاسرة ..
ردحذفاجدت الوصف والتصوير ....
شكرا جزيلا لك....
تحيتي وتقديري.
عفوا لم انتبه ان توقيع القصة باسم فاطمة فطومي
ردحذفتحياتي لها، واعجبني ما قد قرأت...
نوّرتِ المكان ريما.
ردحذفمرحبا بك أختي الرّائعة،النصّ فعلا لشقيقتي و ليس لي.
أكرّر إعجابي بقدرتك و بحرصك على البحث،أجمل تحيّة لك.