• الرئيسيّة

  • الاثنين، 2 جانفي 2012

    نبأ مجيئي




    التّعبير الأقرب إلى نفسي هو أنّي
    سأزور ذلك المكانَ من قبل..
    أو ربّما زرته فيما بعد...
    ما هو أكيد أنّي غادرته و صار بوسعي الآن أن أحلم بالعودة إليه كلّما زُلت قليلا..
    غادرته لكنّ الشّريط لمّا يغادرني؛
    أسمع الألوان جيّدا و أحدّق مغمض العينين في النّبىء السّعيد الذي يسند أبي ظهره على الجدار و يغوص برأسه بين ركبتيه و يتضرّع من أجل سماعه..نبأ مجيئي لأتآكل بينهم دودة ،دودة ..
    لم لا نتصارح؟
    يجب أن لا نموت..
      يومها كلّ شيء كان حقيقيّا و مفهوما و مثيرا كحرف واضح رُسم على صفحة السّماء بغيمة. أشتمّ بقعة ضوء صفراء نزقة كنسيان ؛و وقع أقدام حادّ و مستعجل يجعلني أنتبه و أتهيأ للتّفكير.بدأ المكان يضيق و أحسست أنّي أختنق ..صرير أبواب و نوافذ يُطبقها الرّيح ،أو لا أدري.
    لم أقدّر المسافة التي كان علينا اجتيازها فوق ذلك الشّيء السيّار قبل أن يتوقّف.  
    و لا أظنّ أنّ أبي قد سمعني حين صرخت فيهم من هناك لآخر مرّة:  لو قلبتم أدوار حواسّكم ما استغرق الحزن في صدوركم خفقة..أعرف أبي أكثر من أيّ كان؛لو أنّه سمعها كما حسبتني أطلقتها لما  ظلّ يقول لي بقسوة،كلّما تعثّرت:ذاك لأنّك تخلط الأمور و تعبث بالنّظام!
    بعد ذلك تلاشت الأصوات و الرّوائح و بقي أنين بدأ ضعيفا بالقرب منّي ،ثمّ أخذ يعلو و يهبط..نصف الصّرخة الأخير التي ندّت عن أمّي سمعتها كما ينبغي للعاقل أن يفعل فبكيت..لذلك بكيت..
    ضحك أبي لمّا سمعني أبكي.
      اليوم صرت أبي ،بنسخة حزينة مسالمة و خائفة، أنتحل نصيحتي القديمة و لا أحد يرضى تصديقي.و ها  يكاد القلق يفتك بي و أنا أسند ظهري إلى الجدار و رأسي بين ركبتيّ،أصيخ 
    السّمع فلا أميّز سوى قهقهات الممرّضات.


    محمد فطومي 

    هناك تعليقان (2):

    1. قراءة لمنعم حسن محمود


      الأحمر أدناه..

      نبأ مجيئي (ئ)

      الأحمر أعلاه..

      الأحمر المعقودة خيباته في ذيل العتبة ما عاد مؤشرا حاسما لتسلل السرد جهة الذاتية بمناخها الخانق..

      الذاتية التي يجب عليها حين تسمع نبأ

      – الصلاة خير من النوم –

      أن تقول:

      رجاءً لا تعمم الحالة..

      فأنا لم أنم بعد ولازلت استجديه..

      ولم أجييء بعد.

      المجيئ أو لا المجييء ..

      المجييء مماس لدائرة الثبات

      قاطع لهيكل الذهاب..

      قُطر وفجوة ونقطة إحداثية واحدة تتمدد وتنكمش لتصنع حالتها النصية بانزياحٍ صبور.

      التّعبير الأقرب إلى نفسي هو أنّي
      سأزور ذلك المكانَ من قبل ..
      أو ربّما زرته فيما بعد ..
      ....
      بهاء التدمير..

      بلاغته..

      وطعن المنطقي في خاصرته

      لا علاقة له بما تم تلوينه بالبنفسج بقدر ما يلفه الأزرق..

      فلن تكون ساحرا

      ولن تكون م فطومي

      لو استبدلت..

      التعبير/ بـ / القرار ..

      القرار الأقرب إلى نفسي..

      المسافة بين التعبير والقرار كافية ليشل النص عبرها الذاكرة..

      المسافة التي لا تهب للذاكرة وسام وظيفتها المتفق عليه

      كلمة التعبير لا بديل لها..

      تصفع حتى خد اللمعان ..لمعان التوتر المرتقب عبر / من قبل/ فيما بعد

      وحدها هي التي استطاعت أن تسرق الضوء..

      ضوء الفجوة التي تمهد للمشهد التالي عبر احتفائها بتفاصيله الغائبة

      .......

      أسمع الألوان جيّدا..
      أحدّق مغمض العينين..
      يغوص برأسه بين ركبتيه..
      يتضرّع من أجل سماعه نبأ مجيئي..
      لأتآكل بينهم
      دودة
      دودة..
      >>>>
      الإيهام يشرخ بمقدمته الرفيعة جلد الحواس ويجلد العالم بزوايا رؤيته
      ......
      أسمع الألوان مغمض العينين
      دودة دودة أسمعه يأكل نبأ مجييء
      >>>>
      يدخل الذي عليه المجييء والذهاب في ذات الوقت
      إلى عالم فقده خافتا خفوت حضور ما هو خارجي
      لا أحد يتمدد هنا كخط مستقيم
      الألوان تصنع لوحتها في إطار الموت
      ميتا تغوص ركبتيه في رأسه..
      >>>>
      لباس اللغة بريء ..مخادع يجعل من الموت موتا مثيرا للاهتمام..
      لا يتيح لي سماع اللون بعين مغمضة أن استقبل (النص) هذا التقتير في المجييء استقبالا بدائيا..
      فما من عزاء يفي هذه العدمية / الوجودية غير أن اقلب أدوار الحواس..
      >>>>
      ولو قلبتم أدوار حواسّكم ما استغرق الحزن في صدوركم خفقة..
      ظلّ يقول لي بقسوة كلّما تعثّرت:
      ذاك لأنّك تخلط الأمور و تعبث بالنّظام!
      >>>>
      المشهد لم يستغرق غير خفقة زمن..
      بأقل حجم يتقطر ما هو متلاشي أو سيتلاشى
      ليبث في مسام الحركة حركة..حركة موات عنيف
      - إنه تكنيك الدقة والرهافة والتفتيت ونعومة التكسير..
      - تكسير الحدس بغرض الاتجاه صوب الحدس
      - ????
      - دعنا نعكس الحواس:
      - ؟؟؟؟
      - أشتم بقعة ضوء صفراء نزقة كنسيان
      - ضحك أبي لما سمعني أبكي
      - انتحل نصيحتي القديمة
      - ورأسي بين ركبتي
      -
      - إنه البناء..
      - بناء عالم لا يعرف يجاور فكرة الموت من خلال الموت نفسه
      - اقتناص ما هو معقد واقعيا في شباك ما هو كوني
      - القرار الذي في رأسي يقول
      - بأني سوف استقبل هذا النص بدائيا
      - لا أملك تكلفة الحساسية المفرطة مقابل عالم غليظ
      - حتى أكون ذلك الابن الذي يرث مسكنة وحزنا ومسالمة
      - ولا يملك في قاع روحه غير جدل النقائض.

      ردحذف
    2. بغضّ النّظر عن كون النصّ من تأليفي،
      إلاّ أنّ حواسّي لم تقع على قراءة أكثر جودة و أناقة و نبشا في فنّ الإنسان من هذا الاقتفاء الفكريّ القويّ .
      الصّديق عبد المنعم لك منّي أطيب التحيّات و جزيل الشّكر لأنّك مختلف كفاية مي تصنع الفرق و تبحث فيه..

      ردحذف