• الرئيسيّة

  • الجمعة، 16 أفريل 2021

    رواية فلامنجو / محمد فطومي

     

    أناسٌ يُلقى بهم في مدينة مهجورة غريبة عنهم (شومر)، يُزَوّدون بسخاء بالأكل والشراب والحطب وكلّ ما يلزم، لا يُطالبون بشيء غير التنافس على العيش. إنّه الجحيم إذًا. من رحم هذه الفوضى والعبث وعتمة الأفق واللاجدوى المُطبقة، ستُبنى أمام أعيننا لبنة تلو آخرى، إنسانيّة، سنلاحظ كيف أنّ الفنّ والأخلاق والجريمة والدّولة والعمل والتعبير أشياء لا تُستدعى بل يُعادُ اكتشافها في كلّ مرّة يكون فيها على حشد مُكابدة الوجود في العزلة والخوف وترقّب المجهول. سنرى وجها آخر للبقاء اسمُه الاستمرار في خلق الحاضر المُتجدّد. سيصنع «ران» صحبة صديقه «نهر» حياة في شكل موجة تزداد عُلوّا يوما بعد آخر. لن تكون أصعب عليهما من إقناع أهل مدينتهما أنّ موجتهم لن تتكسّر على صخرة متربّصة بها على ضفّة غير بعيدة.

    منتقلين من فصل إلى آخر، يظهر «ران» القائد فتفاجئنا اختياراته وبرهنته أنّ العمل هو حقيقة الإنسان الوحيدة، أنّه دَيْن وأنّه لا يدين لغير الوجود بغيره.

    تتناوب الفصول بين وصف لحياة الناس في المدينة وبين تفاصيل تتكشّف كشمس خجولة تحت غيوم شتويّة مشيرة للكائن المُتسلّط الذي لا حدود لرغبته في صنع المصائر وتحريك الأحداث، والذي سيتّضح أنّ شومر واحدة من نزواته، المُجهّز والمُؤيّد كفاية في سبيل تحقيق مشروع غامض يُسمّى عمليّة "حرق الشّمس" يتلخّص في إقامة مختبر بشري ضخم: يُحمَلُ لأجله آلاف النّاس من عِرق واحد كرها على إعمار مدينة مهجورة منذ سنين طويلة. من خلال حقل التجربة هذا الذي ستتفاقم خطورته يوما بعد يوم ليُصبح نطاق إخضاع إلى الحيرة والعشوائيّة "المُحكمة" ثمّ الإبادة فيما بعد، سيلتقي على امتداد الحكاية قطبان: أحدهما «ران» الشاب الذي انتشل أهل شومر من صفة الحشد إلى صفة الشعب القادر على صنع أسطورته (فلامنجو)، ومن الجانب الآخر الجهاز السرّي الغامض الذي سيُجسّد الإنسانيّة المُتوحّشة ذات النزعة الأزليّة للتألّه، المُتعطّشة على الدوام لأخذ الإنسان رهينة. سنتابع صراعا خفيّا وهائلا بين الرّغبة وبين الإرادة، بين الإنسان وبين من اختار أن يكون آخر. سيتّضح أنّهما في الواقع أَخَوان. وأنّ الغلبة لكفّ القدر.

    ليست هناك تعليقات:

    إرسال تعليق