القصّة القصيرة الجيّدة نصّ أدبيّ له شخصيّته التي يتفرّد بها ،يزوّده
كاتبه بوقائع من ترتيب خياله.و هو منجز تبرّره رغبة حادّة و ملحّة من صاحبه في احتضان كلّ النّاس دفعة واحدة و الاحتماء بهم من
الذّات و شرورها و من شرورهم و من عجزه و من العجز و من أمنياته العجيبة و من مرض
الموت و من هاجس الجمال و من سنّة الحاجة و من الوجود بأسره.
و نصوص تحمل بين طيّاتها مثل هذه النّوايا ،تظلّ للأسف
الشّديد صغيرة في عيون الأدباء المزيّفين غير المُغامرين . أمّا أهل السّياسة
الثّقافيّة فيعتبرونها في أفضل الأحوال مصادفة سيّئة.
و التيّارات الرّديئة ، المفرغة من الدّهشة ، المصمّمة لتخفيف وطأة الفقر الإبداعي بذريعة التّجريب و الانفتاح على الشّعر ، غير الواعية بأنّ الإمتاع فلسفة قبل أن تكون الفلسفة مجال ممتع،تغشي المشهد الأدبيّ و تُراكم قشرة عنيدة من الفوضى و الجدل العقيم قد تُكلّف الأديب الجيّد عمره في
إزاحة قسم صغير منها
كي تتنفّس أعمالُه قرّاءَ منصفين.
و لن يحقّ لنا الجزم بأنّ القصّة القصيرة
قد تجاوزت محنتها و بلغت مرتبة من الوعي بالهمّ الإنسانيّ المشترك و قدرة على اختراق العادات و
تحديد العلل و الأزمات البشريّة الحقيقيّة ، إلاّ إذا أصبحت تحظى بما يشبه ضرورة و خطورة مناشير التّعبئة
الشّعبيّة أيّام الحركة النّضاليّة.
***
محمد فطومي
25/5/2012